الاثنين، 15 أبريل 2013

قصة المعلمة والتلميذ

 

تبدأ القصة مع المعلمة (تومسون) التي كانت تدرس الأطفال بعض المواد. كل التلاميذ كانوا معقولين إلا طفلا واحدا أعياها أمره.. إنه تيدي ستيوارد.

كان يسرح بالنظر ولا يركز، كسولا خاملا منطويا معزولا، لا يعتني بملابسه وهندامه. أما علاماته في الصف فكانت دوما تأخذ بيد المعلمة تومسون وبخط عريض أحمر: راسب.

بقيت المدرسة متضايقة، وبقي تيدي يمشي من سيء إلى أسوأ في الصف.

حتى جاء ذلك اليوم الذي وقع تحت يد المعلمة سجل الطالب (القصة المدرسية)، وهو تقليد متبع في الغرب، أما عندنا فهو علم لا نعرفه إلا في فروع المخابرات، فقد قدم لي أبو أحمد العكاري، من أمن الدولة صورتي وأنا في عمر 13 سنة، فلم أعرف نفسي وقال تستطيع الاحتفاظ بها، وتعجب كيف درست الطب وأنا لست منتسبا للحزب القائد؟!

نظرت المعلمة وهي مصدومة لتاريخ الطفل ستيوارد، لقد كان رائعا في الصف الأول، وأفضل في الثاني، وممتاز في الثالث، شهد بهذا كل من علم الطفل تيدي.

ثم حصل الانعطاف في الصف الرابع مع بداية تعلمه على يد المدرسة طومسون، لقد نكس الطفل على رأسه بعد أن عانت أمه المرض طويلا ثم ماتت، ولم ينتبه له الأب المخمور، وبذلك كانت صدمة الموت للطفل أكبر من التحمل فقرر الانسحاب من الحياة واللحاق بمن يحب.

وهذا الشعور أعرفه جيدا وهو ما حصل مع بنتي بعد أن خسرنا شمعة حياتنا ليلى سعيد. فأما أنا فكنت لوح مرآة تشظّى برمية حجر، وأما ابنتي فكانت تنام الأيام، ولولا رحمة الله لهلكنا، وخسرت الدراسة الجامعية، ولكن الحياة تتابع تدفقها بحزن ومرح مع الدموع في المآق، في جدلية محيرة، وترمم الحياة الندب، كما تلتئم الجراح بأثر لا يمحوه الزمن حتى القبر.

انتبهت المعلمة طومسون للموضوع وخجلت من نفسها وبدأت تعتني بالطفل تيدي بشكل ملحوظ مع دلال خاص له.

لم تمض عدة أسابيع حتى أصبح تيدي طبيعيا، ولم ينته العام إلا وكان في قائمة أفضل الطلبة.. فرحت المعلمة وأمسكت دموعها وهي تسلمه شهادة النجاح بتفوق.

وفي عيد ميلادها تنافس الطلبة في إحضار الهدايا وما أحضره تيدي لم يعجب الأطفال كثيرا فقد لف الهدية بورقة سمجة من أوراق لف الأغراض في السوبر ماركت.

فتحت المعلمة الهدية كان فيها عقد من الأحجار المزيفة ناقصا واحدا. وزجاجة عطر مليئة للربع مما كانت تستعمله والدته.

أخذت المعلمة الهدية وأثنت عليه خيرا. انصرف الطلبة إلا هو ليقول لها أنت أفضل وأحب معلمة مرت علي في حياتي.

أمسكت المعلمة طومسون دموعها لأن هذه العبارة ستتكرر وفي كل مناسبة على مدى 20 عاما، وفي يوم جاءتها بطاقة دعوة لحضور حفل زفافه وتحتها كان الاسم مختلفا: الدكتور ثيودود إف ستيوارد!

حضرت الحفلة وقد لبست نفس عقد الأحجار المقلد نفسه ووضعت العطر نفسه الذي يذكره بوالدته! تعانقا طويلا وبكيا بحرارة، وقدمها لعروسته ويقول لها هذه أحب وأفضل معلمة في حياتي!

بكت المعلمة وقالت بل أنت معلمي وقائدي الروحي ولولا أنت لكنت في ظلام الروتين وتفاهة الحياة وجمود البرامج الميتة.. أنت من بعثت في الروح وبدلت حياتي يا أحب وأنجح طالب ومعلم في حياتي.

و)تيدي ستيوارد) هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستيوارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا في الولايات المتحدة، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.