الاثنين، 7 أكتوبر 2019

هل هزاع علي المنصوري مجرد سائح أم رائد فضاء

عند إضافة ناسا لاسم هزاع علي المنصوري على لائحة رواد الفضاء الذين زاروا محطة الفضاء الدولية، أضافت عبارة "مشارك في الرحلة الفضائية" space travel participant، كما سبق و وصفوه في بعض المقالات السابقة ب"رائد فضاء زائر" Visiting astronaut
هذا في حد ذاته ليس فيه أي مشكل، بعدها نشرت صحيفة نيويورك تايم و تناقلته صحف أخرى مقالا أشادت فيه برحلة هزاع و ذكرت جزء من مهامه، و حددت في جزء من المقال ان ناسا وصفته بزائر للفضاء اشترى مقعده كما سياح الفضاء الأثرياء ! و هذه هي الإضافة الأولى و التي مصدرها الصحف و ليس ناسا او غيرها ! و لكن الى حد هذا ليس هناك أي مشكل هذه صحف غربية تريد ان تنتقص من كل ما هو عربي.
الطامة الكبرى، هي أن بعض المنابر الاعلامية، قامت بالنقل من الناقل مع إضافة بهاراتها الخاصة كالقول بأن رحلة هزاع ليس لها أي إضافة علمية و انها كانت مجرد سياحة و ترفيه !!!
صراحة لا أعرف ما الدوافع التي جعلت البعض يتصرف بهاته الطريقة مع رائد الفضاء هذا فقط بسبب انه اماراتي او خليجي، لكن لا يهم، المهم أن نجيب على السؤال، هل فعلا هزاع كان مجرد سائح؟! و لماذا نعتته ناسا ب "مشارك في الرحلة" !!
*** أولا : الإطار
هزاع المنصوري ليس شخصا غنيا كان جالسا و ذهب الى وكالة الفضاء الروسية و اشترى مقعد على متن صاروخ سويوز، بل هو شخص له كفاءات متعددة في ميدان الطيران الحربي، وجد أن دولته (او وكالة الفضاء الخاصة بها تحديدا) وضعت امتحان لاختيار رواد فضاء تابعين لها، فاجتاز الامتحان رفقة 4000 مشارك، و تفوق عليهم جميعا ليتم اختياره كرائد الفضاء الأول !!
و لعلمكم هذه هي الطريقة التي تم اختيار كل رواد الفضاء بها عبر العالم، ابتداء من يوري غاغارين...
و منذ اختياره صار "يعمل" كرائد فضاء و يتقاضى أجرا على وظيفته هاته.
*** ثانيا : الرحلة
بعد أن تم اختياره رفقة زميل آخر اسمه سلطان النيادي الذي سيكون رائد الفضاء الثاني في الامارات، اجتاز هزاع و زميله تدريبات مكثفة لمدة طويلة، ليس للذهاب للفضاء و التقاط صور فقط، بل تضمنت كل ما يخص رواد الفضاء من مهارات جسمانية و تقنية و لغوية.... و بعد هذا عقدت وكالة الفضاء الاماراتية (او مركز بنراشد للفضاء) عقد مع الوكالة الروسية للفضاء لكي يبدأ رائدا الفضاء اول التجارب للمشاركة في الرحلات الفضائية... و ذلك عبر ارسال هزاع في رحلة اولى كان من المقرر ان تكون في بداية 2019، لكن بسبب حادثة سويوز MS10 تم تغيير الجداول و هكذا تم تأجيل البرنامج لشهر سبتمبر...
و هنا اريد ان أفتح قوس مهم، ليس بالضرورة ان تصنع سيارة لكي تفود سيارة، يمكنك شراؤها بكل بساطة، و في الميدان الفضائي هناك فقط دولة واحدة تستطيع ارسال البشر للفضاء حاليا و هي روسيا، أمريكا نفسها تشتري مقاعد لروادها على متن الصواريخ الروسية سويوز منذ تخليها عن برنامج المكوك، و كذلك وكالات الفضاء المختلفة حول العالم كاليابان و أوروبا و كندا و التي لم تمتلك يوما مركبة فضائية تستطيع ارسال البشر للفضاء، و أيضا هي الأخرى تشتري مقاعد لروادها على متن صواريخ سويوز الروسية.
و لذلك فشراء مقاعد لرواد الفضاء ليس عيبا، و خصوصا بما ان هذه الفرصة متاحة للبداية و اكتساب الخبرة، و لاسيما ان الامر يستند على برنامج لتكوين رواد فضاء، و ليس رحلة واحدة عابرة كما كانت رحلتي الأمير سلطان و الرائد محمد فارس في 1985 و 1987.
و بما أن هزاع هو رائد فضاء يشتغل لحساب وكالة الفضاء الاماراتية، فان مخطط رحلته و مهماته التي سيقوم بها خلال الرحلة سوف تمليها عليه وكالته، و ليس ناسا و لا روسكوسموس و لا أي وكالة أخرى...

ثالثا : الإنجازات
ربما تكون هذه التجارب العلمية ليست الأولى من نوعها، و ربما لن تعطي نتائج أو إضافات علمية ثورية في المجال، لكن هل هذا يعني انه لا توجد انجازات في رحلة هزاع ؟!
إن الذهاب للفضاء هو بحد ذاته انجاز، منذ أن فتح الانسان ابواب الفضاء بيوري غاغارين سنة 1961 الى يومنا هذا، لا يتعدى عدد البشر الذين زاروا الفضاء الخمسمائة و بضعة رواد.. رغم حوالي 60 سنة من الاكتشاف لازالت مهنة رائد فضاء في مهدها و تجربتها و لو لساعات، يعد في حد ذاته انجاز كبير.. خصوصا عندما يكون رائد الفضاء يتحدث بلغتك و يشترك معك في الكثير من الأمور !! الفائدة المعنوية للرحلة أكبر بكثير من أي فائدة مادية، هناك الكثير من الأمل و حب العلم يتم زراعته في الأجيال القادمة، أفضل بكثير أن يكون لهم قدوة كهزاع على أن يتبعوا قدوات خاطئة و التي تأخذ من النصيب الاعلامي أكثر بكثير مما يأخذه العلماء... و لا داعي للأمثلة فهذا كلنا نعرفه...

ثم كما قلنا هذه بداية برنامج، و ليست رحلة عابرة، و لذلك لا يمكننا إلا أن نحيي هزاع خصوصا و مركز بنراشد و الامارات عموما على هذه الخطوة الجيدة في الرقي بالعلوم في الدول العربية،رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، و نتمنى أن تلتحق باقي الدول بالركب، بدل السخرية و التبخيس من أهمية هاته الخطوة، كما قال أحمد زويل "هم يدعمون الفاشل حتى ينجح. و نحن نحارب الناجح حتى يفشل"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.