قصة مشط بنت فرعون
ماشطة بنت فرعون .. لم يحفظ التاريخ اسمها .. لكنه حفظ فعلها ..امرأة صالحة كانت تعيش هي وزوجها .. في ظل ملك فرعون .. زوجها مقرب من فرعون .. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون ..
فمن الله عليهما بالإيمان .. فلم يلبث زوجها أن علم فرعون بإيمانه فقتله ..فلم تزل الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون .. وتنفق على أولادها الخمسة .. تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها ..
فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً .. إذ وقع المشط من يدها ..
فقالت : بسم الله .. فقالت ابنة فرعون : الله .. أبي ؟
فصاحت الماشطة بابنة فرعون : كلا .. بل الله .. ربي .. وربُّك .. وربُّ أبيك .. فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها ..
ثم أخبرت أباها بذلك .. فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره ..
فدعا بها .. وقال لها : من ربك ؟ قالت : ربي وربك الله ..
فأمرها بالرجوع عن دينها .. وحبسها .. وضربها .. فلم ترجع عن دينها .. فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت .. ثم أحمي .. حتى غلا ..
وأوقفها أمام القدر .. فلما رأت العذاب .. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى .. فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة .. الأيتام الذين تكدح لهم .. وتطعمهم .. فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة .. تدور أعينهم .. ولا يدرون إلى أين يساقون ..
فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون .. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي .. وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها .. وألقمته ثديها ..
فلما رأى فرعون هذا المنظر ..أمر بأكبرهم .. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي .. والغلام يصيح بأمه ويستغيث .. ويسترحم الجنود .. ويتوسل إلى فرعون .. ويحاول الفكاك والهرب ..
وينادي إخوته الصغار .. ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين .. وهم يصفعونه ويدفعونه .. وأمه تنظر إليه .. وتودّعه ..
فما هي إلا لحظات .. حتى ألقي الصغير في الزيت .. والأم تبكي وتنظر .. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة .. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل .. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت .. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله .. فأبت عليه ذلك .. فغضب فرعون .. وأمر بولدها الثاني .. فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث .. فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت .. وهي تنظر إليه .. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه .. والأم ثابتة على دينها .. موقنة بلقاء ربها ..
ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت .. وفعل به ما فعل بأخويه ..
والأم ثابتة على دينها .. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت ..
فأقبل الجنود إليه .. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه .. فلما جذبه الجنود .. بكى وانطرح على قدمي أمه .. ودموعه تجري على رجليها .. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه .. تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها .. فحالوا بينه وبينها .. وحملوه من يديه الصغيرتين .. وهو يبكي ويستغيث .. ويتوسل بكلمات غير مفهومة .. وهم لا يرحمونه ..
وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي .. وغاب الجسد .. وانقطع الصوت .. وشمت الأم رائحة اللحم .. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها ..تنظر الأم إلى عظامه .. وقد رحل عنها إلى دار أخرى ..
وهي تبكي .. وتتقطع لفراقه .. طالما ضمته إلى صدرها .. وأرضعته من ثديها .. طالما سهرت لسهره .. وبكت لبكائه ..
كم ليلة بات في حجرها .. ولعب بشعرها .. كم قربت منه ألعابه .. وألبسته ثيابه ..
فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك ..فالتفتوا إليها .. وتدافعوا عليها ..
الطفل الرضيع ..
وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها .. وكان قد التقم ثديها ..
فلما انتزع منها .. صرخ الصغير .. وبكت المسكينة .. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها .. أنطق الصبي في مهده وقال لها :
يا أماه اصبري فإنك على الحق ..ثم انقطع صوته عنها .. وغيِّب في القدر مع إخوته .. ألقي في الزيت .. وفي فمه بقايا من حليبها ..
وفي يده شعرة من شعرها .. وعلى أثوابه بقية من دمعها ..
وذهب الأولاد الخمسة .. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر ..
ولحمهم يفور به الزيت .. تنظر المسكينة .. إلى هذه العظام الصغيرة ..
عظام من ؟ إنهم أولادها .. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسروراً .. إنهم فلذات كبدها .. وعصارة قلبها .. الذين لما فارقوها .. كأن قلبها أخرج من صدرها .. طالما ركضوا إليها ..وارتموا بين يديها ..
وضمتهم إلى صدرها .. وألبستهم ثيابهم بيدها .. ومسحت دموعهم بأصابعها .. ثم هاهم ينتزعون من بين يديها .. ويقتلون أمام ناظريها ..
وتركوها وحيدة وتولوا عنها .. وعن قريب ستكون معهم ..
كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب .. بكلمة كفر تسمعها لفرعون .. لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى ..
ثم .. لما لم يبق إلا هي .. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية .. ودفعوها إلى القدر .. فلما حملوها ليقذفوها في الزيت .. نظرت إلى عظام أولادها .. فتذكرت اجتماعهم معهم في الحياة .. فالتفتت إلى فرعون وقالت : لي إليك حاجة .. فصاح بها وقال : ما حاجتك ؟ فقالت : أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد .. ثم أغمضت عينيها .. وألقيت في القدر .. واحترق جسدها .. وطفت عظامها ..
فلله درها ..
ما أعظم ثباتها .. وأكثر ثوابها ..
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها .. فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي : ( لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة .. فقلت: ما هذه الرائحة ؟ فقيل لي : هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها .. ) ..
الله أكبر تعبت قليلاً .. لكنها استراحت كثيراً
قصة رائعة
حدثني
من حضر القصة قال: كنت في المسجد أنتظر صلاة المغرب أقيمت الصلاة وصلينا،
وبعد ذلك نظرت إلى الخلف حيث لفت نظري شاب ذا شعر طويل ويلبس البنطال "
الجينز الضيق "
وقد فاتته ركعة من الصلاة.
وقد فاتته ركعة من الصلاة.
وبينا
أنا كذلك إذ برجل كبير السن ينظر إلى الشاب ويتكلم مخاطباً الإمام بلهجته
العامية: " يا شيخ وش رأيك في اللي يدخلون المسجد يظن أنه داخل سينما ما هو
بداخل مسجد ".
رأيت الشاب وهو يتصبب عرقه من جبينه ويسرع صلاته ثم خرج من المسجد مسرعاً.
بعد
ذلك تحدث الإمام وماذا قال؟! هل تظن أنه وجه نصيحة للشباب أم تظنه زجر ذلك
الشاب أو دعا عليه، لا والله لقد قال ذلك الإمام الحكيم:
والله
أني لأشد سعادةً اليوم يوم رأيت هذا الشاب الذي جاء إلى المسجد متطهراً
يريد ما عند الله، وما جاء إلا وهو فيه خير كثير، ثم أخذ يدعو له ويوجه من
في المسجد بضرورة احتواء الشباب بدلاً من التنفير.
بعد
فترة من الزمن جاء ذلك الشاب وقد لبس الثوب وقص شعره وصلى خلف الإمام ثم
سلم عليه وقال: هل عرفتني؟! قال الإمام: لا. قال: أنا ذلك الشاب الذي كان
يلبس الجينز الضيق ووالله لأني سعيد جداً لملاقاتك.
ثم
قال: ذلك اليوم خرجت من المسجد بعد أن تكلم عليّ ذلك الرجل كبير السن
وذهبت قريباً من المسجد، وظننت أنك لما أخذت الميكرفون وتحدثت أنك تدعو علي
أو تسب أو تحذر.
ولما سمعت تلك الكلمات أثرت فيّ فتركت ذلك التشبه السيء وتبت إلى الله فجزاك الله خيراً.
قلت:
هذه هي أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن معنفاً بل بعث مبشراً وهو
القائل: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه )
قصة عمر بن الخطاب والعجوز
مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متستراً ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزاً فسلم عليها وقال لها :ما فعل عمر؟
قالت : لا جزاه الله عني خيرا .
قال : ولم ؟ ، قالت : لأنه - والله - ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينارولا درهم
فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟
قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.
فبكى عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.
ثم قال لها: يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار
قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله
فقال لها : لست بهزاء.... ولم يزل بها حتى أشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً
وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما
فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها على رأسها
وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين في وجهه !
فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ..
فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها.
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا .. فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء "
وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده
وقال( إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي)
من كتاب عدل الفاروق عمر بن الخطاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.