|
د.عبد المعطي الدالاتي
|
ألماني نال شهادة دكتور في القانون من جامعة هارفرد ، وشغل منصب سفير ألمانية في المغرب في مقتبل عمره تعرض هوفمان لحادث مرور مروّع ، فقال له الجرّاح بعد أن أنهى إسعافه : "إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد ، وإن الله يدّخر لك يا عزيزي شيئاً خاصاً جداً"[5] وصدّق القدر حدس هذا الطبيب إذ اعتنق د.هوفمان الإسلام بعد دراسة عميقة له ، وبعد معاشرته لأخلاق المسلمين الطيبة في المغرب.. ولما أشهر إسلامه حاربته الصحافة الألمانية محاربة ضارية ، وحتى أمه لما أرسل إليها رسالة أشاحت عنها وقالت :"ليبق عند العرب[2]
قال لي صاحـبي أراك غريبـــاً ** بيــن هــذا الأنام دون خليلِ
قلت : كلا ، بــل الأنـامُ غريبٌ ** أنا في عالمي وهذي سـبيلي[3]
ولكن
هوفمان لم يكترث بكل هذا ، يقول : "عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في
وسائل الإعلام بسبب إسلامي ، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا عدم اكتراثي
بهذه الحملة ، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية (( إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))[4]
.
وبعد
إسلامه ابتدأ د.هوفمان مسيرة التأليف و من مؤلفاته، كتاب (يوميات مسلم
ألماني) ، و(الإسلام عام ألفين) و(الطريق إلى مكة) وكتاب (الإسلام كبديل)
الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانية .
يتحدث د.هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين المادة والروح في الإسلام فيقول : "ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدنيا ، ومن هنا جاء الاهتمام في الدنيا ، فالقرآن يلهم المسلم الدعاء للدنيا ، وليس الآخرة فقط (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً )) وحتى آداب الطعام والزيارة تجد لها نصيباً في الشرع الإسلامي"[5]. ويعلل د.مراد ظاهرة سرعة انتشار الإسلام في العالم، رغم ضعف الجهود المبذولة في الدعوة إليه بقوله :"إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ ، وذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى "[6]
"الإسلام دين شامل وقادر على المواجهة ، وله تميزه في جعل التعليم فريضة ،
والعلم عبادة … وإن صمود الإسلام ورفضه الانسحاب من مسرح الأحداث ، عُدَّ في
جانب كثير من الغربيين خروجاً عن سياق الزمن والتاريخ ، بل عدّوه إهانة بالغة
للغرب ![7] ".
ويتعجب هوفمان من إنسانية الغربيين المنافقة فيكتب: " في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي ، وذلك على الرغم من أن الغربي ما يزال حتى الآن يسمي صلاته (قرباناً) ! وما يزال يتأمل في يوم الجمعة الحزينة لأن الرب (ضَحَّى) بابنه من أجلنا!!"[8]
موعد
الإسلام الانتصار:
"لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادة العالم حضارياً ، فما زالت مقولة "يأتي النور من الشرق " صالحة[9]…
إن
الله سيعيننا إذا غيرنا ما بأنفسنا ، ليس بإصلاح الإسلام ، ولكن بإصلاح
موقفنا وأفعالنا تجاه الإسلام…
وكما نصحنا المفكر محمد أسد ، يزجي د.هوفمان نصيحة للمسلمين ليعاودوا الإمساك بمقود الحضارة بثقة واعتزاز بهذا الدين ، يقول : "إذا ما أراد المسلمون حواراً حقيقياً مع الغرب ، عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم ، وأن يُحيوا فريضة الاجتهاد ، وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب ، فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردّى الغرب فيها ، وهو الخيار الوحيد للمجتمعات الغربية في القرن الحادي والعشرين"[10]
"الإسلام هو الحياة البديلة بمشروع أبدي لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته ، وإذا
رآه البعض قديماً فهو أيضاً حديث ومستقبليّ لا يحدّه زمان ولا مكان ،
فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة، ويمكنه الانتظار "[11] .
* * *
" من كتاب " ربحت محمدا ولم أخسر المسيح "
--------------------
(1) (الطريق إلى مكة) مراد هوفمان (55) . (2) مجلة (المجلة) العدد 366 ، مقال (هل حان الوقت لكي نشهد إسلاماً أوربياً ؟) للمفكر فهمي هويدي . (3) البيتان للشاعر الدكتور عبد الوهاب عزام (ديوان المثاني) ص(34) . (4) (الطريق إلى مكة) مراد هوفمان ص (49) . (5) (الإسلام كبديل) مراد هوفمان ص (55-115) . (6) (يوميات مسلم ألماني) مراد هوفمان . (7) (الطريق إلى مكة) ص (148) . (8) (الطريق إلى مكة) ص (92) . (9) (الإسلام كبديل) ص (136) . (10) (الإسلام عام 2000) ص (12) . (11) مجلة ( الكويت ) العدد (174) . |
الثلاثاء، 9 أبريل 2013
هكذا أسلم الدكتور مراد هوفمان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.