وهو طريق التمكين؛ روى الإمام البخاريُّ
عن خبَّاب بن الأرَتِّ قال: شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
متوسِّدٌ بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ فقال: ((قد كان من
قبلكم يؤخَذُ الرجلُ فيُحفَر له حفرة في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار
فيوضَعُ على رأسه فيجعل نصفين، ويُمشط بأمشاطِ الحديد ما دون لحمه وعظمه،
فما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمر حتى يسير
الراكب من صنعاءَ إلى حضرموتَ، لا يخاف إلا اللهَ والذِّئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء))، قال: يا رسول الله، ثم من؟ قال: ((الصالحون، ثم الأمثلُ فالأمثلُ))؛ [رواه أحمد في الزهد].
هذا هو الطريق: إيمان وجهاد، ومحنة وابتلاء، وصبر وثَبَات، وتوجُّهٌ إلى الله وحده، ثم يجيء النصر، ثم يجيء النعيم: ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].
أيها الأحبة:
هذا الطريق ابتُلِي فيه أنبياء الله ورسله، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [الأنعام: 34]، ﴿ اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
الجَؤوا إلى الله، وتضرَّعوا إليه في الدعاء؛ فهو الذي يجيب المضطرَّ إذا دعاه؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]، ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186].
اثبُتوا على عهدِكم في طريقكم هذه؛ فإن النصرَ قريبٌ بإذن الله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.