الخميس، 1 مايو 2014

*)* خواطـــــــــر عن الحجـــــــــاب *)*


كنتُ أتجهُ بقلبي نحوَ كل فتاة محجبة، وأنا لم أكن قد نلت هذا الشرف بعد!
حائطُ سدٍّ وقف حائلا بين رغبتي وقدرتي
متى؟ لا أعرف.
ضميري لا يكف عن الطرق على باب العقل.
فأسألُ عقلي، وأشاور قلبي الذي يعنفني دائمًا بلا جدوى، وبلا إجابة واضحة.
حتى متى أرى ما يصعد إلى السطح من آن لآخر من ركام الأمنيات الراكدة والمتزاحمة؟
وبين الحائرة (متى) والمشتاقة (رغبتي..)

عشت سنواتٍ طويلةً فقط أتمنى وأشتاق، ولا جديد على السطح بعدُ!
كل طموحي في الحجاب، أمنيات وأمنيات فقط!
تسويف وتسويف، ثم تسويف آخر، حتى أصبحت أقف كل يوم في طابور اسمه التسويف، ولا يأتي الاختيار علىّ أبدًا، وإذا جاء في إحدى المرات أجدُ الباب موصدًا في وجهي، ولافتة تقول: نفتح في الغد!!

وبرغم تطوع الصديقة المحجبة الوحيدة لي في ذلك الوقت في أعوام الجامعة الأولى بالتحدث معي كثيرًا بأنني سأكون أجمل في الحجاب، وبادرت بإعطائي (طرحتها) لتجربتها، فكنت أنظر لوجهي في المرآة، ولا أجد الرد على (متى) بداخلي! سوى مقولتي المتكررة: ليس بعد.. ليس بعد!
إلى أن جاءت الهدايةُ بغير ترتيب مني؛ فقد كنت في زيارة لبنت عمتي بضعة أيام في ريف مصر الجميل؛ أرتوي من هوائه النقي، وخضرته التي تعيد دومًا النضارة إلى قلبي، وتجدد حياتي من جديد!
وكانت مرتدية للحجاب منذ زمن، وكانت تصغرني بعدة أعوام، ولكنها كانت الأقرب إلى نفسي بروحها النقية وتدينها المحبب، فكنت أقضي معها أيامًا جميلة متمتعة بحبها وصداقتها، وسهراتنا الطويلة نتحدث ونضحك ونأكل، وننهي يومنا الطويل بقراءة الكتب، فوقع كتاب الكبائر بين يديّ، ومارست هوايتي المحببة إلي، وتصفحت أوراقه أتجول بين أحاديث الرغبة فأسعد، وتتلقفني أحاديث الوعيد فترتجف أوصالي خوفًا مع الطمع في رحمة الله، وطلبت من ابنة عمتي استعارة الكتاب لاستكمال قراءته عند عودتي إلى البيت صباحًا، وكأني أحببت أن يشهد على قراري بارتداء الحجاب الذي وُلِد في نفسي في تلك الليلة، فخرجت في نفس اليوم (بطرحة) أمي و(جونلة) قصيرة فضفاضة لم تصل إلى الكعب ولكنها محتشمة، فلم أكن أملك ملابسَ للحجاب بعد، ولم أنتظر ولا أريد أن أنتظر!
وسبحان الله!.. أحببت شكلي بالحجاب، بل وأعجب خطيبي جدًّا، وطلب مني ألا أخلعه أبدًا حتى أعتاده
فقد كان ينتظر ذلك اليوم، وكان دائمًا يلومني بحب قائلا: "عارفة.. مش ناقصك غير الحجاب".

واليوم مر على ارتدائي للحجاب عشرون عامًا، وحين كبرت ابنتي كنتُ قد هيئتها بالحب لارتداء الحجاب، فارتدته بكامل إرادتها سعيدة راضية.
هناء رشاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.