تعتبر أفلام الكارتون من الممارسات اليومية المحببة للأطفال خصوصًا الطفل العربي, ولا شك أن ما يزيد على 95% من هذه الأفلام (غربية)، يراعى فيها عوامل الجذب والمؤثرات بطريقة غاية في الاحتراف؛ مما يساعد على جلب السعادة للطفل، وبالتالي الرضا لوالديه، مما يدعوهم لتوفير هذه الأفلام من خلال القنوات المتخصصة أو بشرائها للترفيه عن أطفالهم، شأنها في ذلك شأن أي لعبة تبهج الطفل وهي غاية الأهل.
ولكن هل يدرك هؤلاء الآباء والأمهات خطورة هذه الأفلام؟! حيث تمتلئ بمغامرات خيالية تعتمد على العنف والأنانية، وتغلب القوة على ما دونها، وبث الخُرافة والاتكالية، وصرف النظر عن العمل والبناء. وقد أثار بعض المهتمين العرب هذه النقاط الخطيرة التي تؤثر على الحُلم (الطفل العربي) تأثيرًا سلبيًّا من خلال نشر ثقافة الغرب، وقد حذر هؤلاء المتابعون من مخاطر هذه الأفلام، وطالبوا باستبدالها بأفلام عربية تحمل صفات الواقع البيئي؛ لكي نضمن لأطفالنا صفات عربية مثل الإيثار على النفس، وتقبل الآخر، وعدم اعتماد العنف وسيلة، وإبراز مواضع العراقة والحضارة في تاريخنا، ودعواته الطيبة لجميع بني البشر.
هذه الأهداف وغيرها الكثير والكثير هي ما يجب وضعها على خرائطنا الإعلامية حتى لو قُدمت في أبسط الصور مثل اللعبة والحكاية والنشيد.
خطورة كامنة
قمة الخطورة تتمثل في معايشة الطفل لهذه الأفلام بعد عملية المشاهدة من مضمونها الذي (صمم بدهاءٍ) لوصول الطفل إلى هذه المرحلة من التشبه بأبطال هذه الأفلام والتعايش معها خياليًّا مما يجعله يفقد جزءًا مهمًّا من الحقيقة من خلال وضع الواقع والخيال في ميزان واحد، وعدم التفريق بينهما وهذا ما يُسمى (درجة التوحُّد)؛ حيث يتصور الطفل نفسه محل هذه الشخصيات الكرتونية فيسير على منوالها, ويسلك سلوكها, ويعتنق أفكارها وآراءها, وبالتالي خلق فجوة بين الطفل وواقعه المتمثل في عائلته ومجتمعه غير آبهٍ بمصلحته الشخصية، ودوره ومشاركته مع الأهل في حياتهم اليومية، ويميل للعزلة التي يجد نفسه فيها مع أبطال تلك الأفلام الخرافية، وتكسو هذا الطفل سلبية وكره لمجتمعه، وكذلك الميل نحو الشر بدلاً من الخير.
باحثون عرب
يرى بعض الباحثين العرب من خلال أبحاث أجريت على تأثير الإعلام الغربي على الطفل العربي, حيث يشكّله عنصر الانفتاح الإعلامي والتزاحم الفضائي في ثقافة الطفل العربي, وكذلك سلوكه من خلال بث أنماط ثقافية وسلوكية دخيلة على المجتمع العربي مزخرفة بتقنيات جديدة باهرة تهدف إلى التأثير في الهوية والثقافة العربية من منبعها (الطفل). وأشار الباحثون إلى أنه على الأسرة العربية دور مهم في ملاحظة ما يشاهده أطفالهم؛ وذلك للتصدي للاختراق المنظم والمستهدف به أطفالهم.
كما حذرت دراسات عربية متخصصة من أن أفلام الكرتون الغربية تحتوي على سلبيات خطرة جدًّا من خلال تشويهها لصورة العرب بغرس صور سيئة وسلبية في أذهان الأطفال, وقد بدا هذا جليًّا في أفلام (السندباد), وقد اعتمد منتجو هذه الأفلام على تشويه الصور العربية، واعتبروها منهجًا لهم وحقًّا مشروعًا للدفاع عن أنفسهم بعد (11 سبتمبر), ذريعة وهمية للنيل من المستقبل العربي في أطفاله.
ناهيك عن السلبية والعنف المعتمد في أفلام الكرتون مثل (سلاحف النينجا)، و(طرزان)، و(تان تان)، وما إلى ذلك من ترسيخ الفكر العنيف، وبثّ روح العداء في أذهان الطفل العربي, بعدما ارتمى هذا الصغير في أحضان هذا الوهم الكرتوني، عندما اعتمد الأب والأم على الآخرين في تعليم وتكوين أذهان أطفالهم.
ألم يكن من الجدير بهم أن يفعلوا هذا الفعل (بالحكاية) وترسيخ القيم وبث روح المثل الأعلى، وكذلك التواصل بينهم وبين أطفالهم بدلاً من أن يكون التواصل مع الآلة (التلفزيون) بكل ما تحتويه من عنفٍ هو التواصل الفعلي؟!
دراسة أمريكية
في دراسة أفزعت القائمين عليها حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون من خلال 4 قنوات تلفزيونية فقط وليس الكل وإذاعتها لـ12 برنامجًا للأطفال أسبوعيًّا، فكانت النتيجة كالآتي:
· 4 حالات انتحار في هذه البرامج.
· 27 معركة بالأيدي وأضعافها بأسلحة خرافية.
· 22 عملية اغتيال.
· 21 مشهد نزاع.
هذا ما تقدمه أفلام الكارتون لأبناء صانعيها، فما بالك بالمستهدفين منها!!
وقد أشارت الدراسة إلى خطورة بثّ هذا الكَمّ من العنف على سلوك الأطفال، كما حذرت بشدة من تأثير هذه الأفلام على مستقبل أطفالهم وبالتالي بلادهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.