تذكروا هذا المفهوم الجديد (الذئب المنفرد) فقد يصبح عنوانا لملاحقة شباب المسلمين !
سبق لي أن أشرت إلى التشابه الكبير بين حادثة بوسطن الإجرامية التي
اتهم فيها الأخوين تامرلان وجوهر تسارناييف وبين ملابسات عملية محمد مراح
بفرنسا وما أحاطهما من غموض سياسي وسلوك إعلامي وأمني. ليأتي اليوم اعتداء
وولتش بلندن مؤكدا لما ذهبت إليه من قبل فهو أوضح بكثير وأقرب إلى صورة
الجريمة التي قام بها مراح (قتل جندي). هل هذه كلها مصادفات ؟!
بعد إعلان جورج بوش الصغير لحربه على “الإرهاب الدولي” عقب أحداث
منهاتن الرهيبة (11سبتمبر 2001) عاش العالم ثلاث مراحل متداخلة من تلك
الحرب بدأت بتعقب تنظيم القاعدة و تنظيمات أخرى كبيرة مرتبطة به عضويا,
وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 تحول الخطاب السياسي والإعلامي إلى
مرحلة ثانية كثر فيها الحديث عن الحرب على “خلايا عنقودية” صغيرة تربط
نفسها بأجندات التنظيم الكبير الملهِم (القاعدة) لكنها منفصلة عنه في اتخاذ
القرارات وتحديد الأهداف, امتدت هذه المرحلة إلى غاية سنة 2010 وهي ذات
السنة التي تخلت فيها الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما على مصطلح “الحرب
على الإرهاب” لتستبلده بعنوان جديد هو الحرب على “الإرهاب الداخلي” معلنة
بذلك الانتقال إلى الجيل الثالث من تلك الحرب المطاطية, جيل تزامن بشكل
غريب مع انطلاق مفاجئ لثورات داخل العالم العربي, جيل تعلن فيه الإدارة
الأمريكية عن قتلها لزعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي كانت تعتبره أكبر عدو
لها خارج حدودها ليصبح العالم العربي خاليا من زعيم الإرهابيين
و”الديكتاتوريات” في آن واحد. هكذا يقال لحد الآن لكن يبدو أن الحقيقة التي
تتراآى من بعيد قد تقدم لنا صورة معكوسة لهذا المشهد الرومنسي. ماذا لو
استبدلت الدول العربية صورة “الإرهابي” بصورة شعوب إرهابية يأكل أفرادها
لحوم البشر متعطشون للدماء يعيشون على السلب والنهب وقطع الطرق صورة طبق
الأصل لما كانت تشتهيه مخيلة المستشرقين المبغضة للشرق العربي الإسلامي.
صورة من مشهد دراماتيكي مخيف اسمه الشرق الأوسط الكبير, شرق تعم فيه الفوضى
وتسوده حروب داحس والغبراء تقتتل فيه الطوائف والقبائل, شرق رسم بعض
تفاصيله الجينرال الأمريكي رالف بيترز في خارطة نشرتها له مجلة الجيش
الأمريكي أرمد فورسز سنة 2006 تحت عنوان “خارطة حدود الدم”.
هكذا تصبح صورة العالم العربي بشعة للغاية وأي تردد لها داخل الغرب
سيكون شبيها بها. من هاهنا يصبح لصورة إرهابيي الجيل الثالث معنى وظيفيا,
ولا تستغربوا كثيرا إن سمعتم عن تكاثر ظاهرة الأفراد المصابين بما أطلق
عليه منظروا الأجهزة الأمنية الغربية بداء “التشدد الذاتي”
(auto-radicalisation ). إن هذا التحول التدريجي الخطير في اللغة المستخدمة
لوصف هذه الظواهر هو تحول نحو "شيطنة" الفرد المسلم وهو وليد طموح قديم
للمحافظين الجدد الذين يعتبرون جموع المسلمين حاملة لفيروس الإرهاب وهو ما
سيبررون به حربهم المستقبلية التي يطلق عليها صديق بوش المتطرف الأمريكي
ويليام كريسطول إسم: “الحرب العالمية ضد الفاشية الخضراء”. ثم ما الذي
يمنعهم من تحويل هذا الطموح إلى مشاريع فعلية يستدرج فيها بعض الحمقى من
ذوي السوابق أو من لديهم ميول للعنف يتم إخضاعهم لعمليات غسل دماغ تستعمل
فيها حبوب الهلوسة (Psychoactive drug) كتلك التي كشفت عنها جريدة
النيويورك تايمز سنة 1974 فيما بات يعرف بفضيحة مشروع (MK-Ultra) الذي
تورطت فيه الاستخبارات الامريكية (CIA) وشاركت فيه أكثر من ثلاثين مؤسسة
للدراسات والأبحاث تم الكشف عنها بعد إنشاء لجنة تقصي داخل مجلس الشيوخ
الأمريكي (Church Committee ). ألا يحق لنا التساؤل عن تطابق شخصية
المتهمين وظروفهم وتشابه الأعراض التي يصفهم بها الإعلام عند ارتكابهم لتلك
الجرائم المنسوبة إليهم مع أعراض "السكيزوفرينيا" التي تصيب بشكل مفاجئ
بعض الشباب المتعاطين للمخدرات : (سماع أصوات وهمية من السماء, الشعور
بالعظمة الهيجان المفاجئ, العدوانية, اضطراب في التفكير, الانعزال...).
أليست كل هذه العوامل تجعللهم عرضة للدفع بهم إلى القيام بجرائم فردية
يغلفها الطابع الديني لتستغل في التسويق لصورة المسلم الجديدة؟
من هذه المنطلقات الخطيرة يصبح التشكيك في المعطيات الرسمية ضرورة
إجرائية عاجلة لفتح باب التحقيق الجاد في ملابسات التهم المنسوبة إلى
المسلمين قبل الترويج لها إعلاميا كمسلمات ينبغي الإيمان بها بشكل تلقائي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.