روي أن أرملة حسناء في مقتبل العمر كانت تعيش مع ابنها الوحيد ،
ورفضت الزواج محبة بابنها الذي كان في سن المراهقة وطيش الشباب،
وكان لها جار خبيث ومرة كانت وحدها في الخيمة،إذ هجم عليها وراودها عن نفسه
فامتنعت منه بشدة لتقواها وخوفها من الله ،
فقالت له وأيم الله لأفضحنك في القبيلة وأشكوك لرئيسها، فخرج مسرعاً خائفاً،
ولكنه أضمر لها الشر..
وخاف أن تفضحه، فعزم على التخلص منها، قبل أن تشكوه لرئيس القبيلة الشديد البطش،
وكان ابن الأرملة الطائش ولهان في حب بنت هذا الجار الخبيث ،
ولقد طلبها منه مرة للزواج ولم يعطه إياها، فاستدعى الرجل الفتى بسرعة،وقال له
لقد طلبت مني ابنتي الجميلة وأنا على استعداد تام، لأعطيك إياها مع مال كثير وجميع
ما أملك من ذهب ولآلئ ولكن لي شرط واحد، فكاد يطير الفتى فرحاً ولم يصدق ما رأى
وسمع.. فقال وما هو هذا الشرط؟؟!!
فأنا مستعد لألف شرط..فسكت الجار قليلاً ثم قال: هذا الشرط هو أن تأتيني بقلب أمك،،
فدهش الولد!! فقال: قلب أمي؟؟!!
قال: نعم لأن أمك لا تريدك أن تتزوج ابنتي ، ولابد من التخلص منها ، إذا أردت فتاتي الجميلة..
وابنتي تحبك وترغب فيك، وأنا أعترف أنك أحسن فتى في القبيلة لذلك لابد أن أزوجك إياها فتسكن معها في قصر جميل في المدينة وجميع ما أملك لك ولها..
وبعد صمت رهيب وتفكير عميق وتردد،،رفع الفتى خيمة أمه محمر العينين والعرق
يتصبب منه فوجدها نائمة، فأغرز الخنجر في صدرها وأخرج قلبها بسرعة هائلة،
ولكن عندما رأى الدم ينفر منه كصنبور الماء ، صحا من غفلته وخاف ولم يتحمل
أعصابه فسقط القلب من يده وتدحرج على الأرض،،
فصرخ الولد ولكن الله جلت قدرته أنطق قلب الأم المتدحرج فقال للفتى:
لماذا تصرخ يا ولدي الحبيب هل أصابك سوء؟!!
فاقشعر بدن الفتى،، ووقف شعر رأسه واصفر وجهه وارتعش، فأراد أن ينتحر ليهرب
من تلك الجريمة النكراء ورفع خنجره ليطعن نفسه، فسمع صوت أمه في أنفاسها الأخيرة
فالتفت إليها فوجدها تكلمه في لحظات الموت مترجيةً قائلة له بصوت مضطرب ومنقطع:
يا ولدي لقد قتلت قلبي الأول..فلا تقتل قلبي الثاني..
أنت قلبي الثاني فلا تقتل نفسك!! كفاني مصيبة واحدة..
ثم فارقت الحياة طاهرة وهي تحنو على ولدها الذي قتلها..
فكانت هذه القصيدة المعبرة عن الموقف
أغرى امرؤ يوما غلاما جاهلا.... بنقوده كي ما ينال به الوطر
قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى .... ولك الجواهر و الدراهم والدرر
فمضى وأغرز خنجرا في صدرها... والقلب أخرجه وعاد على الأثر
لكنه من فرط سرعته هوى .... فتدحرج القلب المقطع إذ عثر
ناداه قلب الأم وهو معفر ... ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
فدرى فظيع خيانة لم يأتها ..... ولد سواه من تواريخ البشر
فكأن هذا الصوت رغم حنوه... غضب السماء على الغلام قد انهمر
فارتد نحو القلب يغسله بما ... فاضت به عيناه من سيل العبر
ويقول يا قلب انتقم مني ولا .... تغفر فان جريمتي لا تغتفر
وإذا غفرت فإنني أقضي انتحارا مثلما ... يغاث من قبلي انتحر
فاستل خنجره ليقتل نفسه... طعنا فيبقى عبرة لمن اعتبر
ناداه قلب الأم كف يدا ولا ... تطعن فؤادي مرتين على الأثر.
.مؤمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.