لا يمكن لحزب من مرحلة سابقة مهما بلغت درجة تنظيمه أن يدير وحده مهام المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية. تتحوّل هذه الحقيقة إلى مصيبة إذا أصبح همّه أن يثبت أنه قادر على ذلك. فكل خطوة يقوم بها تتحول الى تحدٍ تستدعي معارضةً، سواء أكانت مبدئية أو نكاية. وندخل في حلقة مفرغة. يجب أن تفهم جميع القوى السياسية في الدول التي شهدت ثورات، والدول التي ما زالت تشهدها، أن مهمة التحول الديمقراطي مهمةً وطنيةً، ولا تحسم بالأغلبية قبل الاتفاق على قواعدها. ولا معنى في هذا السياق للبحث عمن يتحمل المسؤولية، فعندما تنقسم الساحة إلى قوى حزبية متصارعة يصبح الانقسام إلى خطأ وصواب متطابقا مع الانقسام بين "ضدي" و"معي".
في هذه الأثناء لا يقتصر الأمر على تعثر بناء الديمقراطية، ولا يتوقف عند الشكوك حول التزام النظام الحالي بالحزبية أكثر من التزامه بقواعد الديمقراطية، بل لا يعود ممكنا التخلص من عناصر فاسدة في النظام السابق، لأن أي خطوة في هذا الاتجاه تستدعي مقاومة قوى كانت معارضة للنظام السابق، ولكن التنافس الحزبي أصبح حاليا همها الرئيس، ولو استدعي إفشال أي جهد حتى لو كان صحيحا، لأنه أصبح يفسر كجهد حزبي لصالح حزب، أثبت التزامه بحزبيّته، ولم يثبت التزامه بقواعد الديمقراطية. وهذه حلقة مفرغة يمكن كسرها فقط بالوحدة الوطنية للقوى التي يمكن اعتبارها سياسيا قوى الثورة.
هذه المرحلة تتطلب التواضع اللازم لتعلم الدروس وتصحيح الأخطاء.
عزمي بشارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.